الفيلم عن قصة للأديب المصري الكبير (أيام كان لمصر أدباء و كبار..!) يحيى حقي و من إخراج المخرج المصري الكبير (أيضاً أيام كان لمصر مخرجون و كبار) حسين كمال...و تمثيل شكري سرحان (ترونه في الصورة) و صلاح منصور و زيزي البدراوي و غيرهم...و كل ممثل ممن ذكرتهم (و حتى ممن لم أذكرهم) كان كبيراً و يستحق عن جدارة أن يكون وحده بطلاً لفيلم أو مسرحية ...!
الفيلم من عقد الستينات النفيس (أنتج عام 1968 م) ذلك الذي أثرانا بدرره في كل مجال و ربما لا زلنا نعيش من هذا الثراء أو على آثاره إلى اليوم...!
(عباس) هوالبوسطجي (القرفان) كما ترونه في الصورة...مشمئز و غاضب من العمل في قرية صغيرة أو نجع في الصعيد (الجواني)...في بيئة قاسية و متخلفة في كل عناصرها بداية من الأرض و حتى أعلى ما فيها...!
عباس ابن القاهرة (مصر كما يسمونها) يرى عن يمينه صخور و جبال و عن شماله طين و فلاحة و في كل (قرف)...!
الناس من حوله جهلة أغبياء خبثاء ماكرين..عاداتهم و تقاليدهم كلها مظاهر فارغة و ميراث جاهلي تجاوزه الزمان بزمان فأي وظيفة تلك التي أحوجت عباس أن يعايش أبا جهل و يسكن بجوار أبي لهب...؟!!
الوظيفة مسماها (البوسطجي) أو حضرة الناظر (ناظر البوسطة) و هو باختصار القائم بأعمال مكتب البريد في هذه البقعة النائية من الوطن بل قل من العالم كله...!!!
(عباس) القرفان من (كوم النحس) كما أسماها هو أو (كوم النحل) كاسمها على خطاب استلام العمل إذ لا اسم لها على أي خريطة...! عباس كان أقرب البشر للشعور بالوحدة و الإحساس بالملل و الكآبة في هذه القرية...و هذان هما ضلفتي الباب الذي تدخل منه أثام و معاصي كثيرة على الإنسان و العياذ بالله...و دخلت أول المعاصي و يالها من معصية (مرمر) كما وصفها أحد ابناء القرية...إنها الغازية (الراقصة البدوية أو الشعبية) التي دعاها لداره علها تريه شعاعاً من نور الجمال في بهيم هذا القبح الحالك أمام ناظريه...و للحق فإنها فعلت و بينما هي (تريه) إذ ذاع الخبر لأهل البلد (الخبثاء) الذين يتجسسون على الغرباء (و على بعضهم أيضاً)...و بالطبع فضحوه و إياها و كما استعلى عليهم بقرفه منهم ظفروا بالفرصة للاستعلاء عليه أيضاًَ بل و الشماتة فيه بفضيحة الغازية (سهير المرشدي) لدرجة أن العمدة طالبه بإخلاء سكنه الذي يؤجره منه...!!! و تدخل رئيس نقطة البوليس لمنع هذا و لو مؤقتاً ...
عباس أراد أن ينتقم من أهل البلد الذين رفعوا قرفه منهم لدرجة الغضب بل الكراهية...فامتدت يده لما تحتها من أسرارهم و بدأ يتجسس على أخبارهم من خطاباتهم التي هي بالطبع لا تصل إليهم إلا عن طريقه...!
و ليته ما فعل...فمن راقب الناس مات هماً...
أول الأمر كان عباس يتسلى و يلهو و أحياناً يمل من المكررات...و بعد قليل بدأت الإثارة تدب برجليها الطريق إلى عقله الفارغ إذ لاحظ قصصاً غريبة و جديدة كانت تأتيه على حلقات مسلسلة كل حلقة في خطاب أو موقف يحدث له في (البوسطة)...
قصة الشاب الذي يقتطع من قوته ليشتري سلاحاً ينتقم به ممن قتل أبيه...و المرشح للقتل (ثأراً) يعلم و أهل البلد كلهم يعلمون و رئيس نقطة الشرطة يعلم و ...و الكل ينتظر فقط أن تتم الجريمة ...!
قصة البنت المراهقة التي تعرفت على شاب و تطورت النظرة إلى ابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء فحب و غرام و حمل سفاح...!
البنت من بيت (المعلم) الكبير في البلد ...المعلم الذي زنى بخادمته ثم ألقتها زوجته لأهلها ليقتلوها حفاظاً على الشرف...فانتقم القدر منه و من زوجته بأن تقع ابنتهما أيضاً في الزنا...
الشاب الذي وقع في الخطيئة مع ابنة المعلم كان أفضل حالاً منه إذ تقدم للزواج منها لكن يا للعجب يرفض الأب...لماذا...لأن الشاب تعرف عليها خارج البيت أولاً و هو ما يخالف التقاليد...!!! و بالطبع لم يكن (المعلم) يدري أن له حفيد من هذا الشاب ينمو في بطن ابنته و ينتظر أن يحصل على (الشرعية)...بعد هذا الرفض سافر الشاب للعمل بالإسكندرية تاركاً وعده بالزواج من الفتاة قائماً في خطاباتهما المتبادلة و التي كان البوسطجي هو ثالثهما في الاطلاع عليها و معرفة ما فيها...
و يا للقدر الذي صفع البوسطجي بقسوة قلب أهل هذه البلدة و تناقضهم مع أنفسهم و سلوكهم الذي لا تفسير له إلا الجاهلية الأولى...
يا له من قدر هذا الذي جعل الأب يعرف بفضيحة ابنته و يقرر قتلها و يفعل...يقتلها فعلاً و يعود حاملاً جثتها إلى القرية ليصطدم البوسطجي بالجريمة أمام عينيه فيتسمر مكانه من الدهشة ثم لا يجد إلا أن يمزق ما كان بجعبته من خطابات أهل البلد كلها و كأنه يلعن البوسطة و الخطابات و الوظيفة و الناس و الدنيا التي لا معنى للحياة فيها مع بشر كهؤلاء...!
الفيلم رائع في قصته و بديع في أداء الممثلين به و في إخراجه...و اتمنى أن يكون لدينا اليوم مثله الكثير مما يخترق حجب الصعيد خاصة و يسلط النور على أركان مجتمعه ليخرجه من دياجير الجهل إلى نور الحضارة...
شاهد الفيلم و استمتع...
الفيلم من عقد الستينات النفيس (أنتج عام 1968 م) ذلك الذي أثرانا بدرره في كل مجال و ربما لا زلنا نعيش من هذا الثراء أو على آثاره إلى اليوم...!
(عباس) هوالبوسطجي (القرفان) كما ترونه في الصورة...مشمئز و غاضب من العمل في قرية صغيرة أو نجع في الصعيد (الجواني)...في بيئة قاسية و متخلفة في كل عناصرها بداية من الأرض و حتى أعلى ما فيها...!
عباس ابن القاهرة (مصر كما يسمونها) يرى عن يمينه صخور و جبال و عن شماله طين و فلاحة و في كل (قرف)...!
الناس من حوله جهلة أغبياء خبثاء ماكرين..عاداتهم و تقاليدهم كلها مظاهر فارغة و ميراث جاهلي تجاوزه الزمان بزمان فأي وظيفة تلك التي أحوجت عباس أن يعايش أبا جهل و يسكن بجوار أبي لهب...؟!!
الوظيفة مسماها (البوسطجي) أو حضرة الناظر (ناظر البوسطة) و هو باختصار القائم بأعمال مكتب البريد في هذه البقعة النائية من الوطن بل قل من العالم كله...!!!
(عباس) القرفان من (كوم النحس) كما أسماها هو أو (كوم النحل) كاسمها على خطاب استلام العمل إذ لا اسم لها على أي خريطة...! عباس كان أقرب البشر للشعور بالوحدة و الإحساس بالملل و الكآبة في هذه القرية...و هذان هما ضلفتي الباب الذي تدخل منه أثام و معاصي كثيرة على الإنسان و العياذ بالله...و دخلت أول المعاصي و يالها من معصية (مرمر) كما وصفها أحد ابناء القرية...إنها الغازية (الراقصة البدوية أو الشعبية) التي دعاها لداره علها تريه شعاعاً من نور الجمال في بهيم هذا القبح الحالك أمام ناظريه...و للحق فإنها فعلت و بينما هي (تريه) إذ ذاع الخبر لأهل البلد (الخبثاء) الذين يتجسسون على الغرباء (و على بعضهم أيضاً)...و بالطبع فضحوه و إياها و كما استعلى عليهم بقرفه منهم ظفروا بالفرصة للاستعلاء عليه أيضاًَ بل و الشماتة فيه بفضيحة الغازية (سهير المرشدي) لدرجة أن العمدة طالبه بإخلاء سكنه الذي يؤجره منه...!!! و تدخل رئيس نقطة البوليس لمنع هذا و لو مؤقتاً ...
عباس أراد أن ينتقم من أهل البلد الذين رفعوا قرفه منهم لدرجة الغضب بل الكراهية...فامتدت يده لما تحتها من أسرارهم و بدأ يتجسس على أخبارهم من خطاباتهم التي هي بالطبع لا تصل إليهم إلا عن طريقه...!
و ليته ما فعل...فمن راقب الناس مات هماً...
أول الأمر كان عباس يتسلى و يلهو و أحياناً يمل من المكررات...و بعد قليل بدأت الإثارة تدب برجليها الطريق إلى عقله الفارغ إذ لاحظ قصصاً غريبة و جديدة كانت تأتيه على حلقات مسلسلة كل حلقة في خطاب أو موقف يحدث له في (البوسطة)...
قصة الشاب الذي يقتطع من قوته ليشتري سلاحاً ينتقم به ممن قتل أبيه...و المرشح للقتل (ثأراً) يعلم و أهل البلد كلهم يعلمون و رئيس نقطة الشرطة يعلم و ...و الكل ينتظر فقط أن تتم الجريمة ...!
قصة البنت المراهقة التي تعرفت على شاب و تطورت النظرة إلى ابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء فحب و غرام و حمل سفاح...!
البنت من بيت (المعلم) الكبير في البلد ...المعلم الذي زنى بخادمته ثم ألقتها زوجته لأهلها ليقتلوها حفاظاً على الشرف...فانتقم القدر منه و من زوجته بأن تقع ابنتهما أيضاً في الزنا...
الشاب الذي وقع في الخطيئة مع ابنة المعلم كان أفضل حالاً منه إذ تقدم للزواج منها لكن يا للعجب يرفض الأب...لماذا...لأن الشاب تعرف عليها خارج البيت أولاً و هو ما يخالف التقاليد...!!! و بالطبع لم يكن (المعلم) يدري أن له حفيد من هذا الشاب ينمو في بطن ابنته و ينتظر أن يحصل على (الشرعية)...بعد هذا الرفض سافر الشاب للعمل بالإسكندرية تاركاً وعده بالزواج من الفتاة قائماً في خطاباتهما المتبادلة و التي كان البوسطجي هو ثالثهما في الاطلاع عليها و معرفة ما فيها...
و يا للقدر الذي صفع البوسطجي بقسوة قلب أهل هذه البلدة و تناقضهم مع أنفسهم و سلوكهم الذي لا تفسير له إلا الجاهلية الأولى...
يا له من قدر هذا الذي جعل الأب يعرف بفضيحة ابنته و يقرر قتلها و يفعل...يقتلها فعلاً و يعود حاملاً جثتها إلى القرية ليصطدم البوسطجي بالجريمة أمام عينيه فيتسمر مكانه من الدهشة ثم لا يجد إلا أن يمزق ما كان بجعبته من خطابات أهل البلد كلها و كأنه يلعن البوسطة و الخطابات و الوظيفة و الناس و الدنيا التي لا معنى للحياة فيها مع بشر كهؤلاء...!
الفيلم رائع في قصته و بديع في أداء الممثلين به و في إخراجه...و اتمنى أن يكون لدينا اليوم مثله الكثير مما يخترق حجب الصعيد خاصة و يسلط النور على أركان مجتمعه ليخرجه من دياجير الجهل إلى نور الحضارة...
شاهد الفيلم و استمتع...
0 التعليقات:
إرسال تعليق